مصطلحات
أخر الأخبار

البصمة الكربونية

في عصرنا الحديث، أصبحت قضايا البيئة وتغير المناخ محور إهتمام عديد الأفراد والمؤسسات وكذلك الدول والمنظمات العالمية. أحد المصطلحات المهمة التي يتم التحدث عنها بشكل متزايد وباتت مألوفة في هذا السياق هو البصمة الكربونية (Carbon Footprint).

ففي ظل التحديات البيئية المتعاظمة التي ظهرت مع التطور السريع للصناعة وزيادة إستهلاك الموارد، أصبحت قضايا التغير المناخي والإحتباس الحراري تشكل تحدياً صعباً على مستوى العالم. في المقال هذا الأسبوع من سلسلة مصطلحات، سنلقي نظرة شاملة على مفهوم البصمة الكربونية، وكيف يمكن أن تؤثر على البيئة.

تعريف البصمة الكربونية:

تعد البصمة الكربونية مصطلحًا مهمًا في سياق تغير المناخ والاستدامة البيئية. يشير الى الكمية الإجمالية من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون(CO2)  والغازات الدفيئة الأخرى التي تسهم في تغير المناخ والتي يمكن ربطها بشكل مباشر أو غير مباشر بأنشطة الأفراد، المؤسسات، و حتى الدول. هي تتعلق بتقدير الأثر البيئي للأنشطة اليومية واستهلاك الموارد.

تأثير البصمة الكربونية على كوكبنا:

تسهم البصمة الكربونية في ظاهرة الإحتباس الحراري وتغير المناخ، وترتبط زيادة إنبعاثات الكربون بإرتفاع درجات الحرارة، التسارع في ذوبان الجليد، وتغيرات في نمط الطقس، مما يسهم في زيادة تكرار الكوارث الطبيعية ومن هذه التأثيرات :

  • تغيير المناخ: إرتفاع درجات الحرارة والظواهر المناخية الشديدة نتيجة للانبعاثات الكربونية.
  • نضوب الموارد: استمرار انبعاثات الكربون يؤدي إلى نضوب الموارد الطبيعية وتأثيرات سلبية على التنوع البيولوجي.
  • تأثير اقتصادي: التخلف عن اتخاذ إجراءات لتقليل البصمة الكربونية قد يؤدي إلى تأثيرات اقتصادية سلبية في المستقبل.

عوامل تحديد البصمة الكربونية:

تشمل البصمة الكربونية جميع الانبعاثات من مصادر متنوعة مثل استهلاك الطاقة (كهرباء ووقود), وسائل النقل، والإنتاج الصناعي، وحتى إنتاج المواد والسلع.

 تقسم الإنبعاثات الى قسمين رئيسين هما الإنبعاثات المباشرة  هي تشمل الغازات التي تُطلق مباشرة من النشاط البشري، مثل احتراق الوقود والصناعة ، والإنبعاثات غير المباشرة وهي المرتبطة بالإنتاج والتوريد للسلع والخدمات، بما في ذلك عمليات التصنيع ونقل المواد، نجملها فيما يلي:

  • إستهلاك الطاقة: الكهرباء والوقود المستخدمة من البشر في الكوكب.
  • وسائل النقل: الإنبعاثات الناتجة عن استخدام وسائل النقل مثل السيارات والطائرات وغيرها.
  • إنتاج المواد: الإنبعاثات المرتبطة بإنتاج وتصنيع المواد والمنتجات.
  • إدارة النفايات: الإنبعاثات من معالجة النفايات وتخلص منها.

كيفية قياس البصمة الكربونية:

تتألف البصمة الكربونية من الإنبعاثات المباشرة وغير المباشرة. لقياسها، يتم تحويل جميع الانبعاثات إلى وحدة قياس موحدة، مثل طن من ثاني أكسيد الكربون ، ويتم قياس البصمة الكربونية بوحدة تسمى “الطن المترية لثاني أكسيد الكربون” ، حيث يتم تحويل مختلف الانبعاثات إلى مكافئ كمية من ثاني أكسيد الكربون.

البرمجيات والأدوات المستخدمة في قياس البصمة الكربونية :

يستخدم العديد من الأفراد والمؤسسات أدوات الحسابات والبرمجيات المخصصة لحساب البصمة الكربونية، مثل:

  • حاسبات البصمة الكربونية:
    هي أدوات على الإنترنت تسمح للأفراد والشركات بحساب بصمتهم الكربونية بناءً على نشاطاتهم اليومية.
  • أنظمة إدارة البصمة:
    تستخدمها المؤسسات لتتبع وتحليل إنبعاثاتها وتطبيق إجراءات لتحسين الاستدامة.

أهمية فهم البصمة الكربونية:

  • التوعية البيئية:
    يساعد فهم البصمة الكربونية في توعية الأفراد والشركات حول تأثيرهم على البيئة وكيفية تحسينه.
  • إتخاذ القرارات المستدامة:
     يمكن للأفراد والمؤسسات من إتخاذ قرارات إستهلاكية وإنتاجية أكثر استدامة بناءً على فهمهم للبصمة الكربونية.
  • الإلتزام بأهداف المناخ:
    تشجع الحكومات والمؤسسات على تحقيق أهداف التخفيض في الإنبعاثات من خلال مراقبة وتحليل البصمة الكربونية.
  • تحفيز الإبتكار التكنولوجي:
    يدفع فهم البصمة الكربونية الشركات للإستثمار في التكنولوجيا النظيفة وتطوير عمليات أكثر فاعلية.

كيفية تقليل البصمة الكربونية:

  • الإعتماد على مصادر الطاقة المتجددة:
    تحول إلى الطاقة الشمسية أو الرياح لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
  • زيادة كفاءة الطاقة:
    إستخدام أجهزة كهربائية ذكية وتحسين العزل الحراري للمباني لتقليل الإستهلاك الطاقة لأجهزة التبريد والكييف.
  • التحول إلى وسائل نقل صديقة للبيئة:
    الإعتماد على السيارات الكهربائية في النقل العام أو الدراجات الهوائية.
  • إدارة النفايات بشكل فعّال:
    إعادة تدوير وتحلل النفايات بطرق صديقة للبيئة.
  • اختيار المنتجات الصديقة للبيئة:
    إختيار المنتجات ذات الأثر البيئي المنخفض.

أمثلة لإجراءات قامت بها بعض الدول للتقليل من البصمة الكربونية:

العديد من الدول قامت بإتخاذ إجراءات حازمة لتقليل البصمة الكربونية والتحرك نحو الاستدامة البيئية. فيما يلي بعض الأمثلة لتلك الإجراءات :

ألمانيا:

  • زيادة الطاقة المتجددة: ألمانيا تُعد من الرواد في إستخدام الطاقة المتجددة، حيث قامت بتشجيع إستثمارات الطاقة الشمسية والرياح.
  • تحسين وسائل النقل: تعزيز إستخدام وسائل النقل العامة والتحفيز على إستخدام السيارات الكهربائية.

الصين:

  • تحسين كفاءة الطاقة: تركيز على تحسين كفاءة الطاقة في الصناعة وتحفيز إستخدام التكنولوجيا النظيفة.
  • تحول نحو الطاقة النظيفة: إستثمار كبير في تطوير الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والطاقة النووية.
  • تعزيز السيارات الكهربائية: تطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية وتكنولوجيا الشواحن الكهربائية السريعة.

الولايات المتحدة:

  • تعزيز السيارات الكهربائية: دعم برامج تشجيع استخدام السيارات الكهربائية وتطوير شبكة الشحن.
  • تقليل انبعاثات المصانع: فرض معايير أكثر صرامة لتقليل انبعاثات المصانع وتحفيز الاستدامة في الإنتاج.

الدنمارك:

  • التحول إلى الطاقة النظيفة: اعتماد نماذج طاقة مستدامة وتحفيز استخدام الطاقة البديلة مثل الرياح والطاقة الحرارية.
  • تحفيز الدراجات الهوائية: بناء بنية تحتية لدعم إستخدام الدراجات كوسيلة للتنقل.

الهند:

  • التحول إلى الطاقة الشمسية: تعزيز الطاقة الشمسية كوسيلة رئيسية لتوليد الكهرباء.
  • تحسين جودة الهواء: إتخاذ إجراءات لتقليل التلوث الهوائي من خلال رصد وتحسين معايير الانبعاثات.

اليابان:

  • التحسين في النقل العام: دعم وتطوير وسائل النقل العامة وتشجيع على إستخدامها.
  • زيادة الكفاءة الطاقية: تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المنازل والصناعات.

الإمارات العربية المتحدة:

  • الطاقة الشمسية والنووية: إستثمار كبير في مشاريع الطاقة الشمسية والنووية.
  • تحسين كفاءة البنية التحتية: تحسين البنية التحتية لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة.

فهم البصمة الكربونية أمر أساسي للعمل نحو مستقبل أكثر استدامة. ويساعد هذا المفهوم في توجيه الإستهلاك والإنتاج نحو الممارسات البيئية، ويسهم في جهود مكافحة تغير المناخ والحفاظ على صحة كوكب الأرض وتحسين جودة البيئة للأجيال القادمة.

م. الشيخ كمال

سوداني الجنسية ، ولد عام ١٩٩١م. مهندس حاصل درجة البكالريوس والماجستير في الهندسة الكهربائية ، ذو خبرة إدارية في مجال الطاقة المتجددة في قطاعات تطوير الأعمال، البحث والتطوير، المبيعات والتسويق، وإدارة حسابات العملاء، المناقصات، المقاولات، المشتريات، إدارة المشاريع ،التفاوض وإقفال الصفقات ، تطوير مشاريع الطاقة الشمسية، الإستثمار، فحص الجودة، تجربة العملاء ، التوظيف والتدريب، وغيرها. يمتلك المؤلف المهارات الكافية في القيادة والإدارة والتفاوض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى